القائمة الرئيسية

الصفحات

إمام المسجد النبوي: لا يقبل من المسلم أن تكون شدة الحر عامل خمول وكسل يقعد عن العبادة والعمل

 


قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي: يتغير الجو من حال إلى حال، وتتقلب الأيام والليال، والفصول تمضي على التوال، فمن شدة البرد إلى شدة الحر إلى الاستواء والاعتدال، فلله الحكمة البالغة، وكل شيء عنده بمقدار، (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

وأضاف: إن شدة الحر من نفس جهنم وفيحها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجود من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير ". وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبرد» ثم

أراد أن يؤذن، فقال له: «أبرد» حتى رأينا فيءالتلول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا أشتد فابردوا بالصلاة»، فأتقوا النار عباد الله ولو بشق تمرة، فو الله ما لأحد بنار الدنيا من طاقة، فكيف بنار جهنم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ناركم هذه التي يوقدها ابن آدم جزء من سبعين جزءا، من حر جهنم» قالوا: والله إن كانت لكافية، يارسول الله "فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها.

واستطرد قائلاً: إن شدة الحر في فصل الصيف أبلغ واعظ يذكر بعرصات القيامة وأهوال الفزع والعرض الأكبر، إذا حشر الناس إلى ربهم ينسلون، حفاة عراة غرلا كأنهم إلى نصب يوفضون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون، قد عظم الخطب، واشتد البلاء والكرب، ودنت الشمس من رؤوس الخلائق، واشتد الحر وعظم الزحام، وطال الموقف وثقل الكلام، فعن المقداد بن الأسود رضي الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون بينهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما»، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه.

وأبان: إن ما نعانيه من لفح ولهيب الصيف وشدة الحر، والعواصف المثيرة للأتربة، أمر يستدعي تذكر حال الضعفاء والعجزة الذين يعانون منها ولا حيلة لهم، فارحموا ضعفهم وعجزهم، وسدوا حاجتهم، وواسوهم وأعينوهم وتعاهدوهم، فإنما ترحمون وتنصرون بضعفائكم، نفسوا الكرب والهموم، وفرجوا الأحزان والغموم، «فمن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من رب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومم تر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".

وأوضح بقوله: لا يقبل من المسلم أن تكون شدة الحر عامل خمول وكسل، يقعد عن العبادة والعمل، ويعطل عن أداء الصلاة الجماعة، فاحتساب الأجر في هذه المشقة عظيم، فإن الأجر بقدر النصب والعناء، والجنة حفت بالمكاره، وأيام الشدة واللأواء، أيام امتحان واختبار وابتلاء، والله خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن

عملاً، فأحسنوا العمل قبل فوات الأجل، وقد أكرم الله من كان قلبه معلق بالمساجد بالظل الظليل يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجن ذكر الله خاليا ففاضت عيناه "


تعليقات