القائمة الرئيسية

الصفحات

إمام المسجد النبوي: الصيام من أجل الشرائع






قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان -في خطبة الجمعة-: إن من فضل الله تعالى على عباده وإحسانه إليهم أن شرع لهم من الدين ما به حسن الثواب لهم، وعظم جزائهم وزكاء نفوسهم وعافية أبدانهم وأن من أجل الشرائع التي فرضها العليم الحكيم على عباده فريضة الصيام، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، هذه الآية العظيمة نداء من الرحمن لأهل الإيمان ينبههم إلى جلالة هذه الفريضة من وجوه كثيرة منها أن الله تعالى فرض هذه العبادة على جميع الأمم من قبلنا وفي ذلك حق على لزومها، وتنويه بفضلها وشرفها، وإبانة عن محبة الله لها ولأهلها، ولذلك فرضها على جميع عباده لينالوا من بركاتها وأجورها، ومن وجوه جلالة هذه الفريضة أن الله تعالى جعل التقوى علة لفرض الصيام على عباده، كما قال جل ثناؤه: "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ".

وأضاف: لا جرم فقد نطقت آيات الكتاب العزيز باسم المتقين بقبول الأعمال الصالحة في الدنيا والنجاة في الآخرة، ولما كان الصيام سبيلا إلى التقوى فرضه الله على عباده أولهم وآخرهم، ومن ذلك يلوح للعبد عظم شأن هذه العبادة التي جعلها الحكيم سبحانه أحد أركان الإسلام ومبادئه العظام، ثم رتب عليها من الأجور ما دل على حبه لها، واختصاص أهلها في الدنيا والاخرة بفضائل تحثهم على المزيد منها، ولقد كشف عن بعض الفضائل حديث إلهي مبارك عظيم رواه صدر الرواة وبدر الثقات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به"، ثم قال عليه الصلاة والسلام: "الصيام جنة فإذا كان يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرئ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه"،

وتابع: أخبر سبحانه أن ثوابه للصائم غير محصور بعشر أمثال الحسنة ولا بسبعمئة ضعف ولكن يجزي به الجزاء خفيا بغير حساب، لأن الصائم أخفى عبادته مخلصا لربه قاصدا مرضاته طامعا في ثوابه خائفا من عقابه لا تشوب نيته شائبة من رياء ولا يرجو عليه حظ من الدنيا من إقبال الناس إليه أو ثنائهم عليه، فما ظنكم بعبادة أضافها الله تعالى، وأضاف ثوابه عليها إليه سبحانه إضافة تشريف، ومن فضائلها التي نطق بها هذا الكتاب الجليل أنها جنة اي حرز وستر ووقاية للصائم من النار، وذلك أن النار أجارنا الله وإياكم منها محفوفة بالشهوات، والشهوات تضطرب بالشبع والري والصائم يترك شهوته ليضعف شيطانه ونفسه الأمارة بالسوء فلا يعصي ربه فكأنه بذلك قد تحصن من الذنوب فكان الصيام بذلك جنة في الدنيا من معصية الله وجنة في الآخرة من النار.




تعليقات