قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. خالد بن سليمان المهنا -في خطبة
الجمعة-: لقد قصدت شريعتنا الغراء إلى الاجتماع والائتلاف، ونبذ التفرق
والاختلاف، قال الله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا
وَلَا تَفَرَّقُوا"، ولقد حققت بلادنا المباركة العمل على التضامن وجمع
الكلمة وتوحيد الصف، وما اجتماع قادة القمة العربية المنعقدة حاليا في رحاب
هذه البلاد المباركة إلا أنموذج مشرف على حرص قيادة بلادنا على تحقيق
العمل على التضامن والتعاون فجزى الله ألاة أمرنا خير الجزاء، وحقق من هذا
الاجتماع المبارك ثماره وآثاره الخيرة في تحقيق مصالح البلاد والعباد.
وأضاف:
الهداية وسبيل الرشاد في اتباع نور الكتاب العزيز الذي "لَّا يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ"، ولقد أنبأنا فيه ربنا عن صفة جليلة من أخص صفات المتقين،
الذين هم أهل محبته وولايته وكرامته، هي خصلة لازمة لأهل الإيمان هي خلاصة
العلم والإيمان، والدليل عليه والبرهان، والمرقاة إلى رتبة الاحسان، قال
تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً
وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ
وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ".
خشية الله تعالى هي الخوف منه
المصاحب لتعظيمه والعلم به سبحانه وهي خشية العالمين بأسمائه الحسنى ونعوت
جلاله العلى، العالمين بأفعاله وأحكامه المتضمنة كمال الحكمة التي يحمد
عليها جل وعلا، وخشية الله بالغيب هي خوف العبد من ربه في حال مغيبه عن
أعين الناس، حيث لا يراه إلا رب الناس، فهذه الخشية على الحقيقة، وهي
الخشية الكاملة، مدح الله أهلها بقوله جل ثناؤه: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"، وكلما ازداد العبد علما بربه ازداد خشية
له، حتى يعلو إلى مقام الإحسان فيعبد الله كأنه يراه، فذاك الذي أزلفت له
الجنة، وبشر بمغفرة الله في وعده الذي لا يخلف، إذ قال ومن أصدق منه قيلا:
"وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ، هَٰذَا مَا
تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ
بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ"، وقال عز سلطانه: "إِنَّ الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ".
أهل
خشية الله هم المنتفعون بالإنذار. لان خشيتهم حق لا رياء فيها، "إِنَّمَا
تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا
الصَّلَاةَ"، وأهل هذه الخشية موعودون بوعد كريم، "يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ
لِرَبِّ الْعَالَمِينَ"، وذلك في عرصات القيامة قبل دخولهم الجنة بشرهم به
إمام المتقين صلوات الله عليه وسلامه بقوله: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم
لا ظل إلا ظله، وذكر منهم رجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف
الله، ورجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه"، وأدلة الوحيين دالة على أن خشية
الله تعالى.
تعليقات
إرسال تعليق